بدا كل شيء في سوق رفح الشعبي – المعروف بسوق "السبت" -، طبيعياً، فكميات كبيرة من السلع والمواد الغذائية عرضت فيه، وكان إقبال المواطنين على شرائها لافتاً، خاصةً مع بداية شهر رمضان، لكن ما لم يكن طبيعياً أن يتحول السوق المذكور إلى صيدلية كبيرة، تباع فيه الأدوية على الأرصفة والطرقات، من قبل نساء طاعنات في السن، ورجال يجهلون علوم الطب و الصيدلة.
"فلاجيل، كيناكمب، مضادات حيوية، منشطات جنسية ، أدوية لعلاج آلام الصداع والتهاب الأعصاب لدى الأطفال وأخرى تساعد على سيولة الدم ومنع التجلطات ، نوعيات من الأدوية والعقاقير الطبية كانت تباع على الأرصفة في السوق المذكور، والغريب إقبال المواطنين عليها، ربما لرخص ثمنها، أو كونها مهربة.
فبائعو تلك الأدوية يعتبرونها سلعاً عادية، ويشيرون إلى أنهم يتعاملون مع الكثير من الزبائن كما تباع باقي السلع.
ويؤكد بائعو الأدوية أن الناس يقبلون عليها بصورة كبيرة ما يدفعهم للاستمرار في بيعها، مدعين أنه بات لديهم خبرة في هذا المجال.
أبو أحمد أبو جزر (52 عاماً) أحد تجار الأدوية في الأسواق، كان ينادي بأعلى صوته محاولا جذب الزبائن لشراء نوع جديد من حليب الأطفال، قبل أن ينهمك بمسح الغبار عن الأدوية ورصها على الرصيف و كأنه يبيع ملابس أو أحذية.
وقال أبو جزر " لدي أنواع كثيرة من الأدوية ، جميعها اعتدت على بيعها منذ زمن ، ولا أجد ضرراً فى أن أواصل بيعها ما دمت حياً، مستهجنا استغراب البعض من بيع الأدوية في الأسواق، مؤكدا انه لا يوجد داع لذلك.
وبدأ أبو جزر بتقديم شرح لأنواع الأدوية الموجودة وكيفية استخدامها و كأنه أصبح طبيباً أو صيدلياً بين ليلة وضحاها، قائلاً" لدينا مرهم البيتاديرم ، و الوكسيد المخصص للجلد ، و الأسبوسيد وهو ما يعرف باسم " بيبي أسبرو" المخصص للأطفال ، و الكاتركيس الطارد للديدان ، وقطرة بزارولين التى قال أنها معقمة و نافعة لكل أمراض العين والأنف والأذن .
وعن سؤالنا عن مدة صلاحية هذه الأدوية ومدى حداثتها قال " هذه الأدوية حديثة الإنتاج ، فهذه الكمية التى ترونها موجودة لدي منذ خمسه أشهر " ولكننا حين قمنا بفحص تاريخ انتهاء صلاحية إحداها وجدنا أنها تنتهي بتاريخ 10-7-2007م ما يعني مرور أكثر من عام على انتهاء صلاحيتها للاستخدام الآدمي.
والعجيب في الأمر أن هؤلاء التجار ممن يدعون معرفتهم وخبرتهم العالية فى هذا المجال لا يفقهون شيئاً عن تلك العقاقير أو تركيباتها وتفاعلاتها مع الأنواع الأخرى من الأدوية، ، حتى أننا عندما سألنا أحدهم عن التأثير الدوائي لأحد المراهم قال " لا أعرف ، بإمكانك أن تجربي...وفى أغلب ظني يجب عليك استخدام نوعين من المراهم مشيراً بأصبعه لنوعين مختلفين من الأدوية.