أكد سياسيون وباحثون عرب أن السياسة الأمريكية لن تتغير تجاه القضية الفلسطينية ومع أية إدارة جديدة سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية, وإن هناك ثوابت أصبحت تحرك الموقف الأمريكي, وهو ماذا تريد إسرائيل?! وإن على الفلسطينيين أن يلتزموا بمبدأ "محلك فاوض".. وان الولايات المتحدة الأمريكية ليست طرفا أو شريكا نزيهاً, ولن تكون, وهي لا تريد أن تقدم شيئاً ملموساً للفلسطينيين سوى "محلك فاوض"!.
وقال خبراء الشؤون السياسية - خلال مناقشة رسالة دكتوراه بعنوان "دور الطرف الثالث في عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية.. مقارنة بين الدور الأمريكي والدور الأوروبي" -:" إن دور الطرف الثالث في المفاوضات ضروري, وليست بالضرورة أن يكون أمريكا, وان الدور الأوروبي في المفاوضات كان مقيدا بأمرين اثنين, الأول هو عقدة الذنب والابتزاز اللتان كانت تمارسهما إسرائيل حيال أوروبا بسبب "الهولوكوست", وأما الأمر الثاني فكان الضغط الأمريكي على أوروبا في منطقة تعتبرها أمريكا منطقة نفوذها".
وقال الدكتور نبيل شعث وزير الخارجية الفلسطيني السابق إن إسرائيل لا تريد صلحا مع الفلسطينيين ولا تريد أيضاً وسيطاً يجبرها على تنفيذ ما لا ترضاه, كما أن إسرائيل ضد أي وساطة وضد أي دور حقيقي للأمم المتحدة وإنها تريد أن تحول القضية الفلسطينية إلى قضية داخلية وتتعامل مع الفلسطينيين على أنهم متمردون خارجون على القانون.
وأضاف شعث انه في أول لقاء مع "آرون ميلر" المستشار الخاص للمفاوضات بين العرب والإسرائيليين في وزارة الخارجية الأمريكية في عهد جورج بوش الأب قال له ميلر: "لا تفهموا أنكم قادمون للحوار مع أمريكا لتأخذوا من إسرائيل, بل اذهبوا إلى إسرائيل مباشرة لتأخذوا من إسرائيل, بل اذهبوا إلى إسرائيل مباشرة لتأخذوا منها وتدفعوا ثمن ما تأخذوه!!".
وأشار إلى أن المبعوث الأمريكي السابق لمنطقة الشرق الأوسط "دينيس روس" لخص رأيه في الدور الأمريكي بعد عملية أوسلو في جملة نقاط أبرزها "أن تقوم واشنطن بحفز الأطراف للذهاب إلى المفاوضات وإبقاء الأطراف في عملية المفاوضات, وان تساعد الطرفين بتسهيل تقديم تنازلات لهما, وتقدم أحياناً بعض الأفكار لجسر الهوة شرط أن تكون الجسور على انهار صغيرة وليس محيطات, وان "روس" هو صاحب نظرية التفاوض أهم من النتيجة.. والحقيقة أن الدور الأمريكي هو حليف لإسرائيل طوال الوقت وكان يعاتبنا مرارا وهدد رئيسنا الراحل ياسر عرفات!!".
وتساءل شعث - في معرض مشاركته في مناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدمت بها الباحثة الفلسطينية سنية فيصل الحسيني - هل كنا نفاوض إسرائيل أم إسرائيل والولايات المتحدة معا?! وأضاف: ان هذا الانحياز الأمريكي يتطلب منا النظر في آليات الضغط على من يسمي نفسه وسيطا وهو هنا مثلا اللوبي اليهودي في أمريكا فهل هو أداة ضغط على إسرائيل ام على أمريكا ام ضغط أمريكي على العرب حتى تقول الولايات المتحدة انها لا تستطيع الضغط على إسرائيل, وانظروا ماذا حدث للرئيسين السابقين جيمي كارتر وجورج بوش الاب, وقد خسرا الانتخابات في الدورة الثانية!! والواضح أن اللوبي الإسرائيلي هو أفضل ذريعة لأمريكا كي تقول للعرب انها غير قادرة على الضغط على إسرائيل.
وقال د. شعث ان نجاح الوساطة النرويجية بين الفلسطينيين وإسرائيل بإبرام اتفاق أوسلو راجع الى ان النرويج ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي وهو ما جعلها مستقلة حيث استفادت من استقلالها ومرونتها واستطاعت ان تنال رضا الطرفين - الفلسطيني والإسرائيلي - طيلة الوقت الذي كان الطرفان يريدان وساطتها, كما انها كانت تتمتع بموارد بترولية هائلة وعدد سكانها نحو خمسة ملايين لذلك كانت تبحث عن دور, وما حدث ان أوسلو وضعت النرويجيين على خريطة العالم, وجنت بلادهم جملة مكاسب على المستوى الأوروبي فيما بعد وقامت بدور وساطة في سريلانكا, لكن بانتهاء المرحلة الأولى من الوساطة لم تكن النرويج قادرة على لعب دور لأنها اكتشفت كم هي ظالمة إسرائيل وتحول شعب النرويج لشعب مساند للفلسطينيين وفقدت النرويج حيادها.
وقال الدكتور مصطفى علوي - رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة - ان الإستراتيجية الأمريكية في الوساطة تنحصر في كلمتين اثنتين هما "محلك فاوض" وهذا هو هدف الولايات المتحدة وغايتها من الوساطة, وتوقع استمرار هذه الإستراتيجية في حال فوز المرشح الجمهوري جون ماكين في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في تشرين ثاني المقبل وفوزه سوف يكون بمثابة ولاية ثالثة للرئيس جورج بوش, ثم أن الموقف الأمريكي لن يتغير تجاه القضية الفلسطينية حتى لو فاز السيناتور الديمقراطي "باراك أوباما", وان التغيير الذي يحمله أوباما مقصور على الوضع في العراق وأفغانستان.
وقالت الدكتورة نادية مصطفى - أستاذة العلوم السياسية مديرة مركز بحوث حوار الحضارات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - ان الهدف الأمريكي هو ان تبدأ عملية تفاوضية وتستمر بغض النظر عن النتائج, وبالانشغال في التفاصيل التكتيكية وعدم التوصل إلى الوضع النهائي, هذا هدف وغاية إسرائيلية في آن معا!! وان ثمة قصورا عربيا في توظيف الدور الأوروبي جيدا, والقينا كل أوراقنا عند أمريكا.. وأضافت: ان الدور الأوروبي ينصب على البعد الإنساني وتفعيل دور المجتمع المدني في الأرض المحتلة