يعمل المحامي راجي الصوراني على جبهتين لا تقل الأولى عن الأخرى سخونة، فهو يعمل بصمت وبهدوء مع آخرين لإنهاء ملف الاعتقال السياسي في فلسطين مرة وللأبد.ويصر "الصوراني" على المضي في هذه المهمة التي لا ينفي خطورتها وصعوبتها. وكما نجح مؤخرا بإصدار مذكرات توقيف ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين في أسبانيا وقبل ذلك في بريطانيا، فإنه يتمنى النجاح في ملف الاعتقال السياسي أيضا.
ولتسليط الضوء أكثر على الجبهات التي يحارب عليها "الصوراني"، كان لـ"فلسطين اليوم" معه هذا اللقاء:
*هل لديكم أرقام موثقة عن عدد المعتقلين السياسيين في الضفة وغزة؟
-أنا أفضل حاليا عد الخوض في الأرقام، فنحن نعمل على إغلاق هذا الملف، وأنا أأمل أن يتم قريبا إغلاق ملف الاعتقال السياسي والمؤسسات المغلقة مرة وللأبد في الضفة وغزة بدرجات متساوية، ولقد قالت محكمة العدل العليا الفلسطينية في الاعتقال السياسي أمرا واضحا وهو أنه "جريمة".
*هل هذا الأمر ممكن؟
-أنا لا أقلل من مدى صعوبة الواقع ومراراته ولا أقلل من مدى الانتهاكات ولكن مصلحتنا الفلسطينية الاستراتيجية العليا هي في سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان ولذلك نحن نتحدث مع الأخوة في غزة ورام الله بلغة مبنية على الحقائق وبعمى ألوان سياسي، وقد يكون ما نقوله غير مريح للطرفين، ان هدفنا هو "قول الحقيقة للسلطان دون أدنى مجاملة"، وأنا شخصيا متفائل بإمكانية إغلاق هذه الملفات نهائيا، وأنا على يقين أن لا أحد يشعر بالفخر سواء في الضفة وغزة لبقاء هذا الملف مفتوحا، وأتمنى أن يصل الطرفان إلى قرار بأن بقاء هذا الملف مفتوحا ليوم إضافي آخر هو "عار" علينا جميعا.
*قيل كثيرا عن التعذيب في السجون الفلسطينية، نريد أن نعرف الحقيقة؟
-للأسف هناك تعذيب يمارس بشكل مخجل، ومعاملات مهينة ومذلة، وسجلت لدينا عشرات من الحالات في غزة ومثلها في الضفة.
* ما هي نتائج لقاءاتكم بـ "حماس" بعد حادث التفجير على بحر غزة ؟
-أولا التفجير قامت به أصابع سوداء لضرب السلم الأهلي الفلسطيني، وما حدث من ردة فعل من "حماس" سواء كان الاعتقال السياسي أو إغلاق المؤسسات هو أمر مدان وغير مسئول، وعندما طرحنا ذلك على- "حماس"-لم تدافع عن نفسها عما قامت به، و كان هذا أمرا إيجابيا، ووعدوا بإصلاح الأمر، ولكن حتى الآن لا زال لدينا معتقلين سياسيين وبعض المؤسسات لا زالت مغلقة.
*هل يسمح لكم بزيارة المعتقلين السياسيين؟
-منعنا من ذلك، ومن ثم سمح لنا، وقد قمت مع زملائي بزيارة معظم المعتقلين السياسيين في غزة.
*هناك تعتيم شديد عما يجري لهؤلاء المعتقلين، ما هي الصورة التي شاهدتها؟
-لقد كسر قلبي على المستوى الشخصي من زيارة شخصيات كريمة، ومناضلين معترف بهم وبتاريخهم السياسي، أن أزورهم داخل معتقل، و ما نعرفه هو أن وجود هؤلاء المعتقلين سواء في غزة أو الضفة داخل السجون هو امر غير قانوني وسيء ويجب وضع حد له.
*كيف نجحتم مؤخرا بإصدار مذكرات توقيف من محكمة أسبانية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين؟
_نحن لدينا قاعدة بسيطة وهي "أننا لا نغفر ولا ننسى"، وكل ما يقوم به الاحتلال من جرائم نقوم بتوثيقه قانونياً، وأول خطوة نقوم بها هي استنفاذ كل الإجراءات اللازمة أمام القضاء الإسرائيلي، مع أننا ندرك مسبقا أن المحاكم الإسرائيلية تشكل غطاءا قانونيا للجرائم التي يقترفها جيش الاحتلال. ثانياً: نعمل على توظيف "التشريع الدولي" universal jurisdiction، وأود أن أشير هنا إلى أن "اليهود" واسرائيل لاحقوا النازيين على مدار (70) عاما ونحن لدينا نفس الأسباب واكثر لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ورفعنا أكثر من قضية: في سويسرا، بريطانيا، نيوزلندا، الولايات المتحدة، هولندا، واخيراً اسبانيا، وهذه القضايا تتم وفق شروط متعددة منها أولا: وجود من يقوموا برفع هذه القضايا من محامين، ونحن لنا شركاء في أكثر من مكان، وثانياً: هو وجود ما يسمح باستخدام التشريع الدولي-أي أن تكون اتفاقية جنيف الرابعة من ضمن القوانين الوطنية لتلك الدول، والأمر الثالث هو توفر معلومات عن حركة "المستهدفين" الذين ارتكبوا جرائم الحرب.
*هل تعرضتم لمضايقات إسرائيلية بعد نجاحكم هذا؟
-المواقف المبدئية هي دائما بثمن وليست مجانية، ولا أريد أن أغوص في تفاصيل هذا الموضوع، ولكن يقينا هذا العمل ليس ترفاً، ونحن مستعدون لدفع الحساب سلفا مهما بلغ الثمن.
*ولكن هل ترى أن محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين "ممكنة"؟
_بالتأكيد، وللعلم فإن المحكمة الوطنية الأسبانية التي أصدرت مذكرات توقيف بحق المجرمين الإسرائيليين-وهم وزراء وقادة- هي نفس المحكمة التي أصدرت مذكرة القبض ضد الجنرال "بينوشية"، والتزمت بريطانيا آنذاك بالقبض عليه. ان إسرائيل منعت دخول أي عسكري أو أمني إسرائيلي إلى أسبانيا وحظرت عليهم دخول بعض البلدان الاخرى أيضا، كما أصدرت اسرائيل قانونا يجرم كل يدلي بمعلومات تؤدي إلى القاء القبض او إدانة مجرمي الحرب الاسرائيليين. وكذلك رصدت وزارتي الدفاع والخارجية الإسرائيلية مبالغ كبيرة للمساعدة القانونية لمن يعتقل من الإسرائيليين، وكما سهلت إسرائيل وسمحت سفر بعض المشتبه بهم بجوازات سفر مزيفة. ولذلك فإن الأمر جدي ويتدحرج ككرة ثلج. ونحن يكفي لنا شرفا أن يوضع أسماء هؤلاء مع "ميسلوفيتش وبينوشية".
*هل لديكم خطط لمتابعة ملف مجرمي الحرب الإسرائيليين؟
-بالتأكيد، لدينا خطط، ولا نستطيع الإفصاح عنها لكون عامل "المفاجأة" أساسي في عملنا، وعموما جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم بل تسقط بوفاة مجرمي الحرب
*أنتم تقومون بدور الحكومات، ألا يعتبر ذلك تعارضا مع المواقف الرسمية؟
-قوة ما نقوم به أنه لا تقوم به حكومات، والتي قد تتعرض لضغوط سياسية تلوي ذراعها أو أعناقها فتتوقف، أما نحن فنمثل الضحايا كمنظمات أهلية، ولا توجد لدينا اي اعتبارات سياسية، وهذه هي قوتنا الأخلاقية، نحن ملتزمون بالدفاع عن الضحايا من المدنيين الفلسطينيين والقانون الدولي، والدولي الانساني واتفاقية جنيف الرابعة لم توجد للمثقفين او الاكاديميين بل لتوظف وتستخدم.
الأربعاء سبتمبر 03, 2008 5:02 am